من الأحق للفوز بجائزة «الكرة الذهبية» 2025؟

كما جرت العادة في فترة ما بعد انتهاء الصراع الأزلي بين الثنائي الأفضل في العصر الحديث ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.. أثيرت ضجة على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلان مجلة «فرانس فوتبول» الشهيرة عن أسماء المرشحين للفوز بجائزة «الكرة الذهبية» لأفضل لاعب في العالم لهذا العام، ما بين تقارير وآراء تراهن على حظوظ مهاجم باريس سان جيرمان عثمان ديمبيلي، باعتباره المرشح الأوفر حظا للتتويج بالجائزة الفردية الأكثر أهمية بالنسبة لنجوم وأساطير اللعبة، ومصادر وأصوات أخرى ترفض التقليل من فرص ظاهرة برشلونة والكرة الإسبانية لامين يامال، وبين هذا وذاك، هناك من يتبنى ما يُمكن وصفها بـ«نظرية المفاجأة»، بالأحرى تكرار ما حدث في تشرين الأول/اكتوبر العام الماضي، حين استيقظ الجميع في ريال مدريد على الكابوس المفزع، بتحول وجهة «البالون دور» من السهم البرازيلي فينيسيوس جونيور، الذي لعب دورا محوريا في حصول الميرينغي على ثنائية «الدوري الإسباني وكأس دوري أبطال أوروبا الخامسة عشر»، إلى قائد المنتخب الإسباني – بطل اليورو- ومهندس وسط مانشستر سيتي رودري، كأول لاعب وسط رقم (6) يظفر بالجائزة الفردية العريقة منذ عقود، تحديدا منذ أسطورة الكرة الألمانية ماتياس زامر في العام 1996. والسؤال الذي يراود الجميع منذ إعلان قائمة الـ30 لاعبا المرشحين للحصول على الجائزة هو.. هل ستبتسم «البالون دور» لمن يستحقها وفقا للمعايير والشروط الثابتة والمتعارف عليها؟ أم نتائج التصويت ستأتي بمفاجأة خارج التوقعات؟ هذا ما سنسلط الضوء عليه وأكثر معا في موضوعنا الأسبوعي.

قصة المُلهم

«هذا عثمان ديمبيلي.. لو يحط عقله في رأسه.. لو يفكر ويلعب بامكانياته وبكرته وموهبته.. وربي هذا النجم سيكون سوبر ستار في العالم.. فيق فيق فيق يا عثمان ديمبيلي»، بهذه الكلمات العفوية، أبدع المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي، في التعبير عما كان يدور في رأس جُل جماهير نادي برشلونة في العام 2020، تلك الفترة التي كان يتفنن فيها الدولي الفرنسي في إثارة دهشة وحيرة عشاق البلو غرانا بوجه خاص وعالم كرة القدم عموما، راسما لنفسه صورة «الوحش الكاسر» الذي يملك من السرعة ما يكفي لدخول سباق الـ100 متر في دورة الألعاب الأولمبية، بجانب براعته في المراوغة وبعثرة المدافعين في موقف لاعب ضد لاعب، ناهيك عن مرونته النادرة في ملاعب الساحرة المستديرة، بقدرة لا تُصدق على اللعب بنفس الجودة والكفاءة والتأثير في مركزي الجناح الأيمن والأيسر المهاجم، لكن خارج المستطيل الأخضر، كان يعيش حياة المراهق الطائش، الذي أدمن السهر يوميا مع أصدقاء السوء حتى مطلع الفجر، والأكثر غرابة باعتراف طباخه الخاص السابق، أنه كان يُفضل تناول المعجنات والوجبات السريعة المدمرة للصحة على أطباق السمك واللحوم الطازجة، أو ما يُعرف بـ«نظام الغذاء الصحي» الذي يتبعه أغلب نجوم ومشاهير اللعبة الشعبية الأولى في العالم، في مقدمتهم الهداف التاريخي لكرة القدم كريستيانو رونالدو، والملك المصري محمد صلاح، والجلاد البولندي روبرت ليفاندوفسكي، والقائد التاريخي لمنتخب كرواتيا لوكا مودريتش، وأسماء أخرى بنفس الوزن، تُدرك قيمة وأهمية النظام الغذائي في الحفاظ على معدلاتهم البدنية في القمة لأطول فترة ممكنة، كواحد من أهم أسرار قدرتهم على الاستمرارية في العطاء والنجاح وتجنب الانتكاسات العضلية المرتبطة بعدد ساعات النوم في الليل، فكانت النتيجة أو المحصلة، تحول عثمان من مشروع الخليفة المستقبلي للنجم البرازيلي نيمار جونيور، إلى لاعب زجاجي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لدرجة أنه قضى جُل وقته في أول 4 مواسم في «كامب نو» في صراعه مع لعنة الإصابات، منها مواسم خرج منها بمشاركات تعد على أصابع اليد، أملا في انتهاء ما كانت تُوصف في وسائل الإعلام وقتها بـ«إصابته المزمنة»، وفي نهاية المطاف، بالأحرى بعد إعلان زواجه بشريكة عمره المغربية، بدا وكأنه مشروع لاعب من الطراز العالمي على وشك الاكتمال في العام 2022، وهو ما أجبر إدارة الرئيس الحالي للبرسا جوان لابورتا، على تجديد عقده لمدة موسمين، لكنه رفض استكمال موسمه الثاني والأخير في الإقليم الكاتالوني، ليعود إلى وطنه عبر بوابة كبير القوم باريس سان جيرمان في مثل هذه الأيام العام قبل الماضي، والمفارقة أنه ذهب إلى «حديقة الأمراء» ليحل محل نيمار جونيور بعد انتقاله إلى الهلال السعودي في عام الهجرة الجماعية من أوروبا إلى دوري روشن السعودي – ميركاتو 2023-، مع ذلك، اكتفى بأرقام خجولة في دور المساعد الأول لزميله ومواطنه كيليان مبابي في موسمه الأول مع العملاق الباريسي، وظل وضعه المتذبذب كما هو عليه حتى بعد رحيل مبابي إلى ريال مدريد، لدرجة أنه عُوقب بالجلوس على مقاعد البدلاء في بداية الموسم الماضي، بقرار تأديبي من قبل المدرب الإسباني لويس إنريكي، لعدم قيامه بدوره الدفاعي بالطريقة التي يريدها اللوتشو، في أسلوبه الذي يرتكز على فكرة «الضغط العالي المتقدم» لإجبار المنافس على ارتكاب الأخطاء في مناطقه الدفاعية المحظورة. وتزامنت هذه الفترة مع عروض ونتائج «بي إس جي» المتواضعة للغاية في دوري مجموعات أبطال أوروبا بنظامه الجديد، والتي على إثرها كاد يودع البطولة من الدور الأول، لولا انتصاره الملحمي على مانشستر سيتي بنتيجة 4-2 في الجولة قبل الأخيرة لمرحلة الدوري، تلك المباراة التي قال عنها مدرب منتخب الماتادور السابق «أشياء كثيرة تغيرت في غرفة خلع الملابس بعد هذه المباراة»، وفي رواية أخرى، كانت لحظة التحول التي كان يبحث عنها إنريكي وأصحاب القرار في «حديقة الأمراء»، لترسيخ حكمه وأفكاره بالطريقة التي يريدها للمشروع في حقبة «بي إس جي» الجديدة، التي تعتمد على ولاء وجودة اللاعبين داخل الملعب، بدلا من الرهان على النجوم وأصحاب الأسماء الكبيرة.
ومن بين الأشياء التي تغيرت إلى الأفضل في بطل فرنسا بداية من العام الجديد، ما يُمكن وصفه مجازا بـ «انفجار» ديمبيلي كرويا، بطريقة أعادت إلى الأذهان النسخة الهوليودية التي كان عليها في بدايته مع كرة القدم مع ليل الفرنسي وبوروسيا دورتموند، لكن بعقلية أكثر نضوجا واحترافية، تاركا أهدافه وتأثيره على نتائج الفريق في المباريات الفاصلة ترد على كل من شكك ذات يوم في موهبته، مقدما نفسه هذه المرة، في صورة البطل الذي يتفانى في تضحياته من أجل مصلحة المنظومة الجماعية، بدليل المجهود الاستثنائي الذي كان يبذله في دوره المركب، كلاعب يجمع بين مركزي «صانع الألعاب العصري والمهاجم الوهمي رقم 9.5»، منها كان يعتمد عليه الفريق كمحطة للاتكاز عليه في التحولات السريعة، ومنها أيضا كان يملك رفاهية الهروب من رقابة المدافعين، ليأتي بوجهه بسرعة البرق من الخلف إلى الأمام ليتابع عرضيات وهدايا باركولا أو دوي من الجهة اليمنى أو الساحر الجورجي الجديد كافاراتسخليا من اليسار بكل سهولة وأريحية، وهذا يفسر القفزة المرعبة في أرقامه الفردية في الفترة بين كانون الأول/ديسمبر وآذار/مارس الماضيين، بتسجيل ما مجموعه 16 هدفا من أصل 21 على مستوى الليغ1، وهو ما ساهم في حسم لقب الدوري في وقت مبكر، حتى يتفرغ الفريق لمعاركه الكروية الطاحنة في مراحل خروج المغلوب في الكأس الشقراء، ومعها بدأ يلاحظ عالم كرة القدم، الاختلاف أو التغير الجذري في شخصية ديمبيلي وعقليته داخل الملعب، من تفاحة فاسدة في الفترة بين عامي 2017 و2024، إلى مُلهم الغول الباريسي في صحوته المفاجئة في الأمتار الأخيرة للموسم، وذلك بطبيعة الحال بسبب دوره المحوري في العقدة التي شكلها باريس سان جيرمان لممثلي الدوري الإنكليزي الممتاز، بداية من ليفربول في دور الـ16، مرورا بأستون فيلا في دور الثمانية، نهاية بمدفعجية آرسنال في الدور نصف النهائي، قبل أن تبدأ حملة الترويج لفوزه بجائزة «البالون دور»، والتي أطلقها مدربه الإسباني لويس إنريكي، بعد اكتساح أفاعي إنتر الإيطالي بخماسية مع الرأفة في المباراة النهائية للكأس ذات الأذنين، والتي خرج منها عثمان بجائزة «رجل المباراة»، وآنذاك قال مدرب برشلونة الأسبق «طريقة دفاعه الليلة وحدها تكفي لمنحه جائزة الكرة الذهبية. عثمان ديمبيلي، أعطى درسا في كيفية قيادة الفريق داخل الملعب، بالأهداف، والقيادة، والدفاع وأسلوبه المرعب في الضغط. قول واحد.. عثمان هو كرتي الذهبية، ولا شك أبدا أنه يستحقها عن جدارة»، وهي وجهة النظر التي تبناها رئيس النادي ناصر الخليفي، الذي قال نصا في رده على سؤال حول المرشح الأوفر حظا للفوز بجائزة «الكرة الذهبية»، قبل أن تعلن المجلة الفرنسية عن اختيار 9 لاعبين دفعة واحدة من الفريق الباريسي للقائمة المرشحة للفوز بالجائزة «موسم عثمان كان أكثر من رائع، لا شك أنه سيفوز بالكرة الذهبية، وإذا لم يفز بها، فهذا يعني أن هناك مشكلة في الكرة الذهبية، لأنه ببساطة فعل كل شيء في كرة القدم»، وفي رواية أخرى، حقق كل النجاحات الممكنة لإخضاع «البالون دور»، شاملة تأثيره العظيم في حصول الفريق على 5 بطولات، منها دوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبية، من خلال مساهمته في تسجيل ما مجموعه 38 هدفا في 37 مباراة، آخرها مساهمته في ليلة خطف كأس السوبر من توتنهام، وسبقها بالمساهمة في اثنين في ليلة افتراس النيراتزوري بالخمسة، ولهذا سيكون من الصعب الجدال على أحقية ديمبيلي في التتويج بالجائزة، إذا اتفق أغلبية المصوتين الذين يُقدر أعدادهم بالمئات في مختلف أنحاء العالم، على القاعدة القديمة التي كانت تخبرنا في عصر ما قبل الدون والبرغوث أن «الجائزة عادة تذهب إلى اللاعب الأفضل والأكثر تأثيرا في الفريق الأفضل في أوروبا».

المرشح الإعلامي

إذا لم يتفق الصحافيون وقادة المنتخبات والخبراء على قاعدة «التصويت لأفضل لاعب في بطل أوروبا»، كما حدث في أكثر من مناسبة، مثل اختيار ليو ميسي في العام 2010، على حساب صاحب هدف تتويج إسبانيا بكأس العالم أندرياس إنييستا وصاحب الثلاثية مع إنتر ويسلي شنايدر، وبعدها بثلاثة أعوام خُطفت الجائزة من الفرنسي فرانك ريبيري – بعد مساهمته في تتويج بايرن ميونخ بالثلاثية-، وكان ذلك من أجل عيون صاروخ ماديرا، فقد تحدث المفاجأة وتذهب الجائزة إلى معجزة برشلونة لامين يامال، الذي بدوره بصم على موسم أقل ما يُقال عنه من «نفحات ميسي»، متقمصا دور البطولة المطلقة في مشروع المدرب الألماني هانز فليك، من خلال بنفس الدور الذي كان يلعبه البرغوث في الأوقات الصعبة، بالتكفل بوضع زملائه على الطريق الصحيح بعد أي تأخر في النتيجة، بتلك الطريقة التي رد بها على ريال مدريد في المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا، وبالمثل أمام إنتر بعد تأخر فريقه في النتيجة بهدفين نظيفين في مباراتي الذهاب والعودة في الدور نصف النهائي، وبوجه عام، كان العلامة الفارقة في فوز البرسا 4 مرات على ريال مدريد الموسم الماضي، بواقع مباراتين في الدوري الإسباني، بالإضافة إلى نهائيي كأس السوبر وملك إسبانيا، وبينهما زار شباك باقي الكبار أتلتيكو مدريد، وأتلتيك بلباو وفياريال، غير أنه لم يتوقف عن التسجيل في إقصائيات دوري أبطال أوروبا، دليلا على أنه من القلائل الذين يُجيدون اللعب في المباريات الكبيرة، أو كما يقولون «لا يتأثر بالضغوط الإعلامية والجماهيرية الخاصة بالمواجهات الكبرى»، بل على العكس، تنفجر طاقته وموهبته كلما تضاعفت الضغوط، بدون أن ننسى أهدافه السينمائية وتدخلاته الفارقة في مباريات برشلونة على مدار الموسم، على غرار رده القاسي على بنفيكا بعد إداركه هدف التعديل، وكما يتذكر عشاق البرسا، جاء الرد بهدف من زمن العمالقة، تماما كما تدخل بعد التأخر بثنائية نظيفة أمام الأفاعي في إياب نصف نهائي «سان سييرو»، وآنذاك صنع الفارق بلمحة إبداعية قال عنها زين الدين زيدان «لم أر شيئا كهذا في حياتي. يكفي أن تُشاهد لاعبا يُتقن هذه الحرفة على أرض الملعب. إنه لأمر رائع أن ترى ذلك»، مؤيدا رأي مدافع إنتر باستوني، الذي كتب عبر صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي «تحية خاصة للاعب الموهوب بشكل مرعب لامين يامال، أنت وحش بحق»، وهو ما يتفق عليه أغلب النقاد والمتابعين، أن جوهرة مدرسة «لا ماسيا»، يتفوق على كل نجوم العالم فيما يخص الأداء الفردي، والمتعة البصرية والحسم والشخصية المؤثرة»، وهي معايير لا تقل أهمية عن المساهمة في الأداء الجماعي والألقاب، وبالمناسبة قد تكون مؤثرة وحاسمة في اختيارات المصوتين، حيث علمتنا التجارب في السنوات القليلة الماضية، أن شريحة لا يُستهان بها من المصوتين، تقع ضحية للتأثير أو الهالة الإعلامية التي تصاحب المرشحين في أوقات معينة في الموسم، بخلاف من يصوتون بالعاطفة أو ما تُعرف بـ «التحيزات البشرية»، التي تجعل للكرة الذهبية إستراتيجية خاصة، بعبارة أخرى أكثر صراحة «أشبه بالسباق الانتخابي»، الذي أحيانا لا يسفر بالضرورة عن فوز الأفضل أو الأوفر حظا من وجهة نظر المتخصصين. والآن كما نتابع ونقرأ في معظم الصحف والمواقع الرياضية منذ فوز باريس سان جيرمان على توتنهام في كأس السوبر الإسبانية، تضاعفت سردية فوز عثمان بالبالون دور أكثر من أي وقت مضى، لكن في النهاية قد تذهب إلى اللاعب الأكثر تكاملا، الذي قال عنه إيمانويل بوتي، نجم فرنسا السابق «لامين يراوغ المدافعين كما لو كانوا يلعبون لعبة بلاي ستشين، ويجعل المدافعين يبدون أشبه بالأقماع»، أو قد يضطر للانتظار لموسم آخر، كما اضطر من قبله ميسي لانتظار كاكا في العام 2007، لكي يسيطر على الجائزة بعد ذلك في الفترة بين عامي 2008 و2012، قبل أن يضيف 3 جوائز أخرى، اكتملت بالثامنة التي كانت بمثابة مكافأة نهاية الخدمة بعد قيادة منتخب بلاده الأرجنتيني بكأس العالم قطر 2022.

نظرية المفاجأة

واحدة من العلامات أو المؤشرات التي تفتح المجال لإمكانية ذهاب الجائزة لمرشح آخر غير عثمان ديمبيلي وربما كذلك لامين يامال، ذاك التغير المفاجئ في مزاج المصوتين، الذين تخلوا فجأة وبدون سابق إنذار عن هوسهم بالمهاجمين كما كانوا في السابق، وهذا الأمر كان واضحا في اختيار لاعب وسط مانشستر سيتي رودري، على حساب مهاجم ريال مدريد ونجمه الأول في الموسم قبل الماضي فينيسيوس جونيور، بالإضافة إلى شريكه في النجاح في نفس الموسم الفتى البريطاني غود بيلينغهام، دون أن ننسى أن انطلاقة عثمان على وجه التحديد، كانت متأخرة، إذ استغرق الأمر منه ما يزيد عن خمسة أشهر، ليكشر عن أنيابه بالطريقة التي أثار بها الإعجاب بعد تحوله من جناح أيمن كسول إلى مهاجم لا شق له غبار بداية من العام الجديد، حيث استهل رحلته مع تسجيل الأهداف الحاسمة، بالتوقيع على ما مجموعه 35 هدفا من أصل 51 هدفا بالقميص الباريسي منذ قدومه من برشلونة في صيفية 2023، ما يعني ببساطة أنه لم يكن على نفس المستوى طوال الموسم، مقارنة مثلا بالمنافس المباشر على الجائزة لامين يامال، الذي لا تمر عليه لحظات صعبة، كما حدث مع ديمبيلي، حين عاقبه المدرب بالاستبعاد من مباراة آرسنال في الدور الأول لدوري أبطال أوروبا، وطرده أمام باير ميونخ، في المباراة التي وضعت الفريق في موقف لا يُحسد عليه، ونفس الأمر ينطبق على زميله في «حديقة الأمراء»، الدولي المغربي أشرف حكيمي، الذي بدوره حافظ على مستواه في القمة منذ المباراة الأولى في الموسم وحتى المباراة الافتتاحية للموسم الجديد أمام السبيرس، رافعا سقف طموحات المدافعين والأظهرة أكثر من أي وقت مضى للفوز أو المنافسة على الكرة الذهبية، باعتباره المدافع الأكثر شمولية في العالم في الوقت الراهن، مدعوما بلغة الأرقام والإحصائيات، التي تخبرنا أنه نجح في استعادة الكرة 110 مرة، أكثر من أي لاعب آخر، كما ساهم بشكل مباشر في تسجيل 27 هدفا، بواقع 11 من توقيعه بالإضافة إلى 16 تمريرة حاسمة، مع حالة من التألق والتوهج سواء في القيام بأدواره الدفاعية جنبا إلى جنب مع بصمته الهجومية التي تتحدث عنه، ولهذا قال برأس مرفوع «أنا استحق الفوز بالكرة الذهبية»، نفس استحقاق زميله في «بي إس جي» الشاب البرتغالي فيتينيا، الذي يُصنفه بعض النقاد والمتابعين، على أنه حجر الزاوية في فريق المدرب لويس إنريكي، أو القلب النابض الذي يُحرك ثنائي الوسط جواو نيفيس والأنيق فابيان رويز، والأهم العلامة الفارقة في ربط الخطوط الثلاثة، كيف لا والحديث عن أكثر لاعب إكمالا للتمريرات الناجحة في دوري أبطال أوروبا (1294 تمريرة)، بنسبة نجاح بلغت 93.6%، وهذا يعكس استعداده للمخاطرة بالتمرير العمودي أكثر من الاستحواذ، ويفسر لنا سبب ما قاله إنريكي أثناء فترة إعارته من ولفرهامبتون بأن «فيتينيا أهم لاعب في الفريق»، قبل أن يغادر الهداف التاريخي كيليان مبابي، وبدرجة أقل، يأتي حامي العرين جيجي دوناروما، الذي أثبت بشكل عملي، أنه وصل إلى قمة النضوج والثبات الكروي، بتصدياته المذهلة التي ساهمت في انتهاء عقدة النادي الأميرة الأوروبية، أبرزها مباراتي العودة أمام ليفربول وأستون فيلا في مراحل خروج المغلوب في إنكلترا، لكن مشكلته لا تختلف كثيرا عن حكيمي، وتكمن في قلة فرص الحراس والمدافعين في الفوز بهذه الجائزة، حيث اقتصرت على أسطورة حراسة المرمى ليف ياشين مرة واحدة عام 1963، وأيقونة دفاع الطليان فابيو كانافارو في العام 2006، أما غير ذلك، فدائما ما تذهب إلى المهاجمين أو صناع اللعب، وهذا بالطبع يعطي الأفضلية للمهاجمين والأجنحة المرشحة للفوز بالجائزة، أبرزهم المرشح البارز عثمان ديمبيلي والساحر لامين يامال، ثم يأتي بعد ذلك محمد صلاح، ورافينيا، وكيليان مبابي وهاري كين وباقي الأسماء التي وصلت إلى قمة مستوياتها في أوقات متفرقة على مدار الموسم.. والسؤال الآن لك عزيزي القارئ.. من باعتقادك الأوفر حظا للتتويج بالجائزة في حفل الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر المقبل؟

أحد, 17/08/2025 - 12:58

          ​