
عملت الأنظمة المتعاقبة على وضع استيراتيجيات متعددة للنهوض بقطاع التعليم في موريتانيا منذ ستينات القرن الماضي، وكان كل نظام يلغي خطة سلفه ويضع خطة جديدة، وقد نجم عن هذا الارتباك انهيار كبير في المنظومة التربوية، فتخرجت أجال تنتمي لمدارس مختلفة في الفترة من 1976 إلى 1999 الشيئ الذي أوجد ثقافات متنافرة في وطن واحد.
ومع بداية العهد الجديد منتصف العام 2008 وضعت الحكومة خطة طموحة لإصلاح التعليم، أفضت إلى إنشاء وزارة دولة في بداية الأمر قبل إعادة هيكلة القطاع مرة أخرى وفق الهيكلة الحالية.
والواقع أن التقارير التي تعدها الجهات الوصية على التعليم مجانبة للواقع بكثير، وقد كشفت الزيارات الأخيرة لرئيس الجمهورية هشاشة البنى التعليمية، وتردي مستوى التلاميذ، وتسيب الأساتذة والمعلمين، وضعف جهاز الرقابة والمتابعة.
وحسب بعض المعلومات المتداولة فإن الرئيس أبدى امتعاضه من هذه الوضعية وأوصى بوضع استيراتيجية طموحة لإصلاح الخلل الذي رافق هذا القطاع منذ تأسيس الدولة وإلى اليوم.
من هنا فإن أي تخطيط في المستقبل يجب أن يراعي جملة من الضوابط ويأخذ في الحسبان أسباب الخلل للبحث عن حل جذري.
لقد شهدت العقود الأخيرة انتشارا غير طبيعي للمدارس الخصوصية، أثر سلبا على أداء الطواقم التعليمية التي تسرب بعضها وهجر التعليم العمومي..
ويمكن القول إن المشكلة الرئيسية اليوم تكمن في هيمنة القطاع الخاص واستحواذه على الكادر البشري الذي أنفقت الدولة ملايين الدولارات لتكوينه وتأهيله، وعلى الوزارة المعنية أن تحظر على المعلمين والأساتذة مزاولة التدريس في المدارس العمومية، مقابل علاوات تحفيزية وزيادة معتبرة في الرواتب والامتيازات، وتفعيل دور الرقابة والمتابعة.
إن أي إصلاح لايضع هذه القضية في الاعتبار يبقى مجرد محاولة ارتجالية لن تكون بأحسن من سابقتها.
محمد سالم ولد الهيبة